في عصر يشيد بالذاتيّة، من البديهيّ أنّ يصبح الجمال جمالًا "في عين الناظر". ولكن، على الرغم من محاولات مساواة الجمال البشريّ بالجاذبيّة الجسديّة، نحن نعلم غريزيًّا أنّ الجمال هو أكثر من مجرّد وجه جميل أو جسد جذّاب. نحن نلاحظ الجمال ونتفاعل معه في الأشخاص والأماكن والأشياء؛ نشعر بالجمال في ما نراه ونسمعه ونذوقه ونلمسه ونشمّه. لكنّ الجمال ليس في ما يُمتّع حواسّنا، ولا في ما يُرضي قدراتنا الأخرى: الذاكرة والخيال والعقل والإرادة. إنّه يغزونا كشيءٍ حسنٍ وحقيقيّ، وفهمه يتطلّب العودة إلى منبعه، أي إلى الله. إنّ هذا الكتاب يحاول أن يكشف بعض أبعاد الجمال الأصيل الكامن في عالمنا، وفي كياننا، وخصوصًا في الأقانيم الإلهيّة وفي العقائد المسيحيّة الأساسيّة: الثالوث والتجسّد والفداء. ففي هؤلاء الأقانيم، وفي هذه العقائد، سلّم يجعلنا نرتقي لنقترب ونتأمّل أكثر فأكثر الجمال الإلهيّ الذي يلمس كلّ ما هو موجود ليكون جميلًا، بل وجميلًا جدًّا.
تعليقات 0 تعليق