" البحث في تاريخ المسيحيّين الأوائل هو بحث في أوّل مَن آمنوا بالإعلان الإلهيّ، والاستفادة من تعسّراتهم ووجوه القداسة التي جسّدوها، ليس تعلّقًا بالماضي أو هروبًا من الحاضر، بل رجوعًا إلى ينابيع الحضور المسيحيّ، وبحثًا عن انطلاقته الأولى، وسعيًا إلى مساءلة الحاضر في ضوئها وإيجاد سبل لاختراع المستقبل. تسمح لنا مراجعة سبل عيشهم والوقوف على رجائهم، بالنظر إلى واقعنا بأعين مختلفة، مستنيرة بنور القيامة الذي كان حاضرًا دومًا في تطلّعاتهم. وتروي العطش إلى الشركة والأخوّة والمحبّة التي نفتقر إليها دومًا في عالم يؤلّه فردانيّة الإنسان وحريّته المطلقة". في هذا الجزء، يتمّ استعراض كيف حافظت الجماعة المسيحيّة في هذه الحقبة على معالم حياة الجماعة الرسوليّة من طريقة العيش والتعبير الكتابيّ، ما جعلها عرضة لانتقادات العالم الرومانيّ. تصف إحدى الوثائق المكتوبة آنئذٍ المسيحيّين بأنّهم "يسكنون المدن كأنّهم غرباء عنها... ويتحمّلون كلّ شيء كمسافرين. يتزاوجون كغيرهم ويتوالدون... يشاركون طعامهم مع الجميع، ولكنّهم لا يشاركون فراشهم... هم في العالم، ولكنّهم لا يعيشون بمقتضاه... يقضون أيّامهم على الأرض، ولكنّهم مواطنو السماء... يحبّون جميع الناس، والناس تضطهدهم... يُقتلون، وبالموت يكسبون الحياة. إنّهم فقراء، ولكنّهم يُغنون كثيرين". |
تعليقات 0 تعليق