مجلّد. قميص
لقد دأب الرهبان اليسوعيّون في الشرق الأدنى منذ قرن ونيّف على تصنيف المعاجم العربيّة، فاشتهر منهم في البدايات الأب فيليب كُوش (Cuche) ثمّ الأب جان باتيست بيلُو (Belot) من المستشرقين، وبرز من الشرقيّين الآباء رفائيل نخله وجبرائيل حوّا وبخاصّة لويس المعلوف الذي نشر معجمه المنجد في العام 1908. وقد غدا اسم القاموس الأخير هذا شبه عَلَم ومرجعًا طبّقت شهرته الآفاق من المحيط إلى الخليج، فإلى أقاصي الهند وأندونيسيا، وأواسط البلدان الأفريقيّة، وهو اليوم يرفل بطبعته الثامنة والثلاثين، ويُجدَّد سنةً بعد سنة فيضاف إليه مداخل كثيرة، لا سيّما في قسمه التاريخيّ.
وها إنّ دار المشرق تتابع مسيرتها في هذا المضمار، وقد أصدرت اليوم، وبعد إعداد استغرق عمل أربعة وثلاثين عامًا، نفّذه فريق من المختصّين بإشراف اللغويّ المخضرم الأب صبحي حموي، المنجد في اللغة العربيّة المعاصرة وهو يضمّ جميع المفردات والعبارات التي يحتاج إليها مثقَّف القرن الحادي والعشرين، في التعبير عن أفكاره ومشاعره وحاجاته، وفي مواكبة تطوّر الحياة الحاضرة علميًّا وتقنيًّا وفنِّيًّا. من هذا المنطلق، لم يتردَّد المنجد الجديد في إسقاط المفردات التي لم تعد متداولة، رغبةً منه في أن يفي المتداول حقّه، كما أنّه لم يقتصر على المعاني الحقيقيّة، بل ذكر جميع المعاني المجازيّة. وقد حاول دائمًا أن يعرّف الكلمات تعريفًا علميًّا. ولمّا كان من المعلوم أنّ المعاجم الخالية من الأمثال معاجم غامضة، فإنّه أضاف إلى كلّ تعريف مثلاً أو مثلَيْن أو ثلاثة، مأخوذة جميعها، لا من مؤلَّفات الكتّاب، بل من ظروف الحياة اليوميّة.
إنّ مَن رافق المناهج الجديدة في اللغة العربيّة وآدابها يعرف كم نحن في أمسّ الحاجة إلى مثل هذا النوع من المعاجم التي توفّر السلامة والأصالة والحداثة: أصالة من دون أصوليّة وحداثة من دون اغتراب.
ملاحظة: نال هذا المنجد الجائزة الثالثة لأفضل كتاب إخراجًا وتنفيذًا في معرض الكتاب العربيّ الذي نظّمه النادي الثقافيّ العربيّ في بيروت للعام 2000
ح. ط. ح.
تعليقات 0 تعليق