«ليس من يقول لي: يا ربّ! يا ربّ! يدخل ملكوت السموات، بل من يعمل بمشيئة أبي الّذي في السموات» (متى ٧: ٢١). إنّ العمل بمشيئة الله لا يقوم على تنفيذ أوامرَ أو إتمام وصايا جاهزة، بل هو أسلوب حياة يقوم على تمييز ما هو دعوة من الله وما هو إغواء كاذب في دوافعي وقراراتي. الصوت الإلهيّ يخلقني، أي يستدعيني إلى الوجود وله مذاق الحرّيّة. أمّا الصوت الكاذب فعذوبته الظاهرة تنتهي بي إلى رفض ذاتي الواقعيّة وبالتالي إلى اليأس والمرارة. تكشف تعاليم الآباء عن التجارب العميقة الّتي تجتاز قلوبنا وتلقينا في الوهم أو في الخلط، فلا نعود نجد الفرح الروحيّ الّذي يلازم خبرة الإيمان. وهذا الكتاب يستلهم التراث الروحيّ المسيحيّ منذ بدايته ليقدّمَ مداخلَ إلى التمييز الروحيّ وكيفيّة تحصيله والنموّ به للوصول إلى نضوجٍ في الإيمان يقوم على الاهتداء إلى مشيئة الله والعمل بها.
تعليقات 0 تعليق