يقوم جوهر الإيمان [...] على رؤية الواقع رؤية حسنة، أي أن أرى العالم حسنًا، وأعيد تفسيره انطلاقًا من حُسنه. فأنا حين أرى شيئًا حسنًا ومحبّبًا، أرغب بالحصول عليه وأقبله من هذا المنطلق. وتُستخلَص المحبّة بدورها من الإيمان كسلوكٍ مطابقٍ للإيمان. إنّها ليست وصيّة تأتينا من الخارج وتتحكّم بنا. حين أتعرّف إلى شيءٍ حسن ويصير محبّبًا عندي، أتعامل معه من تلقاء نفسي بوجهٍ حسن. فأقبله برضًى، وأتعامل معه على هذا النحو، وأقبله على هذا النحو أيضًا. وفي الحَمْد أعبّر عن الشيء بكونه يحمل هذه الصفة، وكوني قد خبرته كذلك. إنّ آفاق الإيمان والمحبّة والحَمد تعبّر في نظري عن بنية البشارة المسيحيّة الأساسيّة. لم يطلب المسيح منّا اتّباع وصايا جديدة، بل علّمنا بالدرجة الأولى أن نرى الحياة والعالم والله بوجهٍ جديد. ومن وحي هذا التطلّع الجديد، بعدما نكون قد اختبرناه، ينمو فينا من تلقاء نفسه سلوكٌ جديدٌ وشعورٌ آخر بالوجود. لقد فتح يسوع أعيننا بكلامه وحياته وموته على التعامل مع الآخرين، ووضع لنا نظرةً جديدة، وجعل لنا من المحبّة طريقة تعاملٍ مغايرة، ومن الحَمْد تعبيرًا عن شعورنا الجميل بالوجود.
تعليقات 0 تعليق