لُقِّبَ بالذهبيّ الفم لجمال كلماته وبلاغة عظاته، وعمق تفكيره. للوهلة الأولى، يبدو أنّه يلقي عظاتٍ أخلاقيّة. ولكن، يكفينا التدقيق قليلًا لنكتشف فيها عملًا تفسيريًّا للنصوص المقدّسة من الدرجة الأولى.
يمرّ تفسير الذهبيّ الفم بثلاث مراحل: الأولى هي إرجاع الكلمة الإلهيّة إلى حرفيّتها وتاريخها، وتبيان الوحدة بين العهدين القديم والجديد. الثانية هي التفسير بحسب الجمهور والهدف. وفيه يردّ أحيانًا على التعاليم المنحرفة أو الجدال بطريقةٍ تتوافق مع قدرات المستمعين. والثالثة هي التطبيق على واقع جماعة، أو مدينة.
في هذا الكتاب يجد القارئ حوالى 100 مقطع من عظات الذهبيّ الفم يتمّ تحليلها لتبيان أسلوبه في التفسير، ومهارته في الوعظ، وبراعته في الخطابة. والأهمّ من هذا، فإنّ هذه المقاطع شاهدة على طريقة الآباء في قراءة الكتاب المقدّس.
«في البدء، بعد أن صنع الله الإنسان، كان يتحدّث مباشرةً مع البشر... بهذه الطريقة ذهب لملاقاة آدم، وبهذه الطريقة وبّخَ قاين، وبهذه الطريقة تحدّث مع نوح... ولكن، بما أنّ البشر أصبحوا منذ ذلك الحين غير مستحقّين للحديث معه... أرسل إليهم رسائلَ، كما نفعل مع الأشخاص البعيدين جدًّا، ليجذب الجنس البشريّ كلَّه إليه» (عظة في التكوين 2).
تعليقات 0 تعليق