يسُدُّ كتاب الدكتور مشير عون هذا فراغًا ملحوظًا في المكتبة العربيّة، ويلبِّي حاجةً ماسّة لدى مثقَّفينا وباحثينا، فقد وفَّر لهم دراسةً تنقل «خلاصة النظريّات التي أنشأها أبرز فلاسفة الغرب الحديث والمعاصر في استجلاء أصول التفسير النصّيّ» (أو الفسارة)، وتستنبط قواعده وتضبط آليّاته.
وزَّع د. مشير عون مادَّة كتابه بين مقدِّمة وسبعة فصول، فبيَّن في البداية كيف تكون الفسارة بحثًا عن المعنى، ثمّ عالجها في مقاصدها الأصليّة، فبأُصولها الفكريّة القديمة عند أرسطو - ومقالته في التفسير -، والرواقيّين - وتفسيرهم المجازيّ -، وفيلون الإسكندريّ، وأُورجينيس، ولوثر - والفسارة الإصلاحيّة. وانتقل بعد ذلك إلى الفسارة لدى المحدَثين والمعاصرين، فدرسها عند د. إ. شلايرماخر (1768-1834)، وف. ديلتاي (1833-1911)، وم. هايدِغِر (1891-1976)، وغ. غادامِر (1900-2000)، وأخيرًا پ. رِيكُور. ويظهر من خلال دراسة الدكتور عون أنّ الفسارة الفلسفيّة أصبحت اليوم في أصل المعارف الإنسانيّة على أنواعها لأنّها تساعدها على «التبصُّر في حقيقة مبادئها وصحّة مفترضاتها».
هذا الكتاب ينمُّ على جدارة في الإحاطة بالموضوع وعرضه: فالتحليل موثَّقٌ دقيق، والتوليف بين الطروحات متين، والتأليف سلِسٌ رشيق يخفِّفُ من صعوبة المادَّة ووعورة مسالكها.
أ. ك. حشيمه
تعليقات 0 تعليق