نشعر بعدم الرِّضا من أسباب كثيرة، ولكنّه في الأساس سؤال عن أنفسنا، عن معنى الحياة، عن إمكانيّة الفرح والسعادة في حياتنا، وهو تساؤل عن الإيمان باللَّه، حضوره معنا، قيمة الصلاة، الرجاء في واقع أفضل. ولا يمكن أبدًا أن نتجاهل هذه الأسئلة، أن ننفيها أو أن نعطيها إجابات سريعة. من واجبنا تجاه أنفسنا أن نتتبَّع الشعور بعدم الرِّضا لنفهم جذوره فينا، ما يعلنه عن ذواتنا ورؤيتنا الحياة ونظرتنا إلى السعادة، وما يكشفه عن علاقتنا باللَّه ودوره في حياتنا. في الجزء الأوّل من الكتاب نبحث ديناميّة الشعور بالرِّضا أو عدم الرِّضا، ونتوقّف بالأخصّ أمام مظاهر عدم الرِّضا، وقد لخّصناها في التذمّر، الخنوع، التعويض بالوصوليّة والبحث عن السلطة. وفي الجزء الثاني، اخترنا من الإنجيل مشاهد تعبّر عن مواجهة يسوع لمظاهر عدم الرِّضا الثلاثة هذه، ولكن أضفنا مشهدًا رابعًا، عن المغفرة والغفران. في قناعتنا، يضيع الرِّضا عن حياتنا ويتبخّر من قلبنا حين لا نفهم ولا نقبل مغفرة الله التي تمنحنا أن نغفر لأنفسنا ولغيرنا، أن نتصالح مع تاريخنا وظروف حياتنا والناس من حولنا. المغفرة هي أساس شفاء ذاكرتنا وانطلاقنا بفرح وقوّة في الحياة.
تعليقات 0 تعليق