وأنا أقلّب الخيارات في العنوان الأمثل لكتابي عن لبنان، شعرتُ بالأسى ما إنْ وصلتُ إلى كلمة "المصير". وكأنّي أسطّر ورقة نعيه، بدخوله مرحلة الانهيار في السنتَين الأخيرتين.
لقد وصل لبنان منهكًا إلى نهاية مئويّته الأولى، بسبب نظامه الطائفيّ وموقعه الجيوسياسيّ، وافتقاره إلى الدولة التي تدافع عن سيادتها. وفي سياق مخاوفها ومشاريعها، تستجلب الطوائف الخارج إلى الداخل، كتطلّع المسلمين إلى محيطهم العربيّ، واستقوائهم بالمقاومة الفلسطينيّة، وكذلك الموارنة بالأحلاف في الخمسينيّات، وبسورية وإسرائيل على التوالي في العامين 1976 و1982ـ وأخيرًا استقواء "حزب الله" بإيران. فتعثّرت بذلك دعوات حياده وتدويل أزمته. وإنّ ما وصل إليه لبنان، راهنًا، تتحمّل مسؤوليّته المنظومة الحاكمة التي غلّبت مصالحها على حسابه، وأجهضت الانتفاضة اللبنانيّة. إنّ ظهور مشاريع: الفدراليّة و"ديموقراطية الأكثرية" و"المثالثة" هي وجوه مدمّرة؛ فالأولى هي التقسيم بذاته، فيما تسلب الأخيرتان الطوائف الأخرى شخصيّتها وأدوارها. أمّا الدولة المدنيّة فلا أمل لها في ضوء الثقافات الراهنة. وأخيرًا إنّ تسلّط "الثنائيّ الشيعيّ" على لبنان يعود إلى سياسة "الجزرة والعصا"، وإلى تآكل الطوائف من الداخل، وغياب تضافر وطنيّ يتصدّى له، كما هيمنة سلاح "حزب الله" على الدولة والمجتمع.
تعليقات 0 تعليق