إنّ الفرح هو رغبة قلبنا العميقة، وما يبحث عنه كلّ إنسان. أحيانًا نلتقيه، إلا أنّه يعطينا الانطباع بأنّه يتلاشى سريعًا ويتبخّر كالسراب، تاركًا القلب في فراغ ووحشة. وأحيانًا أخرى، بدون أن نعي، نخنقه أو ننفيه، إذ قد نخجل من شعورنا بالفرح، وكأنّه أمر غريب وغير ملائم وسط ظروف الحياة اليوميّة، وما يعيشه الناس حولنا من صعوبات وضيقات. وكثيرًا ما يختلط الفرح بالمتعة، ودائمًا ما يعوقنا الألم عن الشعور بالفرح. في الحقيقة، الفرح لا نصنعه بأيدينا، بل هو هبة شخص آخر لنا، وهذه هي خبرتنا اليوميّة في الحياة. فالفرح يأتينا من كلمة إنسان يدعم، يساند، يشجّع، يغفر، يجدّد الثقة والعهد، يمنح بسخاء صداقته ومحبّته. وقبل كلّ شيء إنّ الفرح هو وعد يسوع لنا، ورغبة قلبه لنا. يريد أن يعطينا ذاته فنعرف معنى الحياة وطعم الفرح. فنفرح حين نكتشف مكانتنا في قلب يسوع، ومدى حبّه لنا الذي يفوق ما يمكن أن نتخيّله أو نتصوّره. هو نبع الحياة، لذا هو فيض الفرح. فعندما يسكن فينا ونسكن فيه، تدبّ الحياة في جنبات حياتنا كافّة، ونشعر بأنّنا نمسك بتاريخنا كلّه وسائر أبعاد شخصيّتنا وكياننا بدون خجل، خوف أو حزن. لا وصفة سحريّة للفرح، بل هو طريق يدعونا إليه الله، لنمضي فيه نحو ذواتنا عبر أحداث حياتنا وواقع الدنيا من حولنا. فالفرح هو بداخلنا، وموضعه هو قلبنا، حيث يتكلّم الله، ويمنحنا أن نكتشف أنفسنا وأن نستجمع كياننا في الصدق والحقّ، ومن ثمَ نلتقي الآخرين في حقيقة حياتهم أيضًا.
تعليقات 0 تعليق