السياسة بمعناها الأصيل هي إدارة المعيّة الإنسانيّة من منطلق دعوتها إلى الارتقاء. والارتقاء يتطلّب الحسّ بالارتقاء الذي يترجم بالشعور بالمسؤوليّة تجاه الفعل الذي يحدث هذا الارتقاء. هذا ما جعل توما الأكوينيّ يقول في السياسة إنّها "شكل المحبّة الأرقى"، على اعتبار أنّها التطبيق الأمثل والواقعيّ لقول بولس الرسول المنشئ للفعل المسيحيّ في قلب العالم: "إلإيمان الذي يعمل بالمحبّة" (غل 5، 6). إذًا السياسة فيها فعل صلاة بكونها مهمّة تعمل على رفع الواقع أي تحقّقه كواقع فعليّ للمعيّة الإنسانيّة. إنّها الجواب الحقيقيّ الذي يناقض هرب قايِن من المسؤوليّة تجاه أخيه: "أأنا حارس لأخي؟!" (تك 4، 9). من هنا إنّ الصلاة تحضّ على المسؤوليّة تجاه العالم بفتح الوعي على هذه المسؤوليّة. في الصلاة تكتشف المسؤوليّة حين تحدث الصلاة الوعي للمسافة التي تفصل الواقع عن حقيقة الارتقاء الذي تحضّ عليه المعيّة الإنسانيّة. من هنا إنّ الصلاة تؤسّس المسؤوليّة لا على القلق بل على التوق نحو التحقّق، لهذا هي فعل رجاء لا فعل إحباط. وهنا منبت المسؤوليّة الحقيقيّ.
تعليقات 0 تعليق