البابا فرنسيس، صاحبُ الفطنة والسّذاجة

في العام ٢٠١٣، انتخب الكرادلةُ الأسقفَ اليسوعيّ الأرجنتنيّ، خُورخِي مارْيو بِرغولْيُو، رئيسًا للكنيسة الكاثوليكيّة، فاختار اسمَ "فرنسيس" رغبةً بالتشبّه بمُؤسِّس الرهبانيّة الفرنسيسكانيّة الذي اقترن بالفقر الكلّيّ وساهم في إصلاح الكنيسة. عرّف عن ذاته قائلًا: "أنا صاحبُ فطنةٍ بعض الشيء، وأُجِيد كيفيّة التصرّف، لكنّني أيضًا ساذجٌ قليلًا. والخلاصة الأفضل الأدقّ هي الآتية: أنا خاطئٌ حَدَّقَ الربُّ إليه".

أذهل "البابا المُحيِّر" الجميع في مقارباته للملفّات وفي مواقفه، وبادر إلى تغيّراتٍ في مجالاتٍ استعصى المسّ بها في السابق وانتقد علانيةً مُساعديه المباشرين. استحسن بعضُهم مبادراتَه اللّامُتوَقَّعة، وارتبكَ منها آخرون. انخفض إجماعُ المؤمنين بشأن القرارات والتعاليم والتوجيهات الصادرة منه وعنه، وتوافقوا جميعُهم على فرادته، فتولَّدت الأسئلةُ الكثيرة إزاء أقواله وأفعاله. وعى البابا فرنسيس تَبِعاتِ قراراته وأفعاله غير المألوفة على بعض المؤمنين، إلّا أنّه شدَّدَ أيضًا على عدم صلاحيّة بعض نماذج التفكير والمقاربات المعتادة للإبقاء عليها في العالمِ الراهن، إذ طرأت تحدّياتٌ حديثة تستوجب المواجهة الدقيقة.

يهدف هذا الكتاب إلى الغوص في أبعادِ فِكر البابا فرنسيس اللّاهوتيّة من خلال رسائله العامّة وإرشاداته الرسوليّة. توقّف المؤلِّفُ عند اختيار البابا للموضوع، وعرض مضمون كلّ وثيقة وتوجّهاتها، واستخلص العِبَرَ للواقع المشرقيّ العربيّ.